في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الثاني-

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الثاني-

يَقْصِدُ هذا المكتوبُ أنْ يُبَيِّنَ المسائلَ التاليةَ:

١إنَّ النفاقَ مرضٌ نفسيٌ يصيبُ القلبَ من الجسدِ و يُصيبُ الإيمانَ من القلبِ فيُفْسِدُهُ و يَمْضِي في خَرابِه إذا لم يُتَدارَك برحمةٍ إلهيةٍ حتى لا يَبْقَى في المرءِ بَقِيِّةٌ تُرْجى فيكونُ كالكُفَّارِ أو أَشَدَّ عذاباً.

٢إن أَهَمَّ ما يُمَيِّزُ المَرَضَ أنَّ المريضَ لا يَشعُرُ به و لا يعرِفُ بوجودِهِ. أيْ أنَّ المنافقَ لا يعرفُ أنه منافقٌ ولا يُقِرُّ بِهِ و إذا سَمِعَ قرآناً أو قولاً يَذمُّ المنافقينَ ظَنَّ أنَّهُ يتكلمُ عن غيرِهِ أوْ غَشّى على ذلك بتأويلٍ غريبٍ يَدْفَعُ عنه تلكَ التُّهْمَةَ وذلكَ الهجاءَ.

٣إن للمرضِ درجاتٍ أدناها التَشكُّكُ في ما صدَّق المرءُ فيهِ أصْلاً

٦- لا يَكُنْ تَأَخُّرُ أَمَدِ العَطَاءِ مَعَ الالْحَاحِ في الدُّعَاءِ مُوجِبَاً لِيَأْسِكَ

لا يَكُنْ تَأَخُّرُ أَمَدِ العَطَاءِ مَعَ الالْحَاحِ في الدُّعَاءِ مُوجِبَاً لِيَأْسِكَ، فإنَّهُ ضَمِنَ لَكَ الاجَابَةَ فيما يَخْتَارُ لَكَ لا فيما تَخْتَارُ لِنَفْسِكَ وفي الوَقْتِ الذي يُريدُ لا في الوقْتِ الذي تُريدُ.


شرح الشيخ زروق:

قُلتُ: “الالحاحُ” التَكَرُّرُ في الدُّعاءِ بِحاجةٍ، مِن وجْهٍ واحد ، على سبيل الطَّلَبِ، وهو مطلوبٌ في الدعاء. والاجابةُ مضمونةٌ بِمُطلَقِ الدُعاءِ، فإذا قُمْتَ بِما طُلِبَ منك من الدعاءِ و الالحاحِ فيه، فلا تَيْأَسْ مِن الاجابةِ لأن يَأْسَكَ ناشِئٌ عن رُؤْيَةِ السَبَبِيَّةِ بِدُعَائِكَ، و إجتِهادِك في حاجَتِكَ، إذْ صَرَفَكَ تَأَخُّرُها عن بابِ مولاكَ، فَقَصَّرْتَ في المطلوبِ بالدعاءِ ؛ الذي هو إظْهارُ الفَاقَةِ و دَوَامُ الحُضُورِ بالمُناجاةِ  فافْهَمْ !

و الناسُ ثلاثة :

١- رجلٌ قَصَدَ مولاهُ بالتفويضِ،

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، وأفْضَلُ الصلاةِ وَأَتَمُّ التَسْلِيمِ على كُلِّ الأنْبياءِ والمُرْسلين وعلى خَاتَمِهِمْ سَيِّدِنَا ونَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وأَزْوَاجِهِ أَجْمَعِينَ. أمَّا بَعْدُ:

فإنه لما كانتْ سَنَةُ ثمانٍ وألْفَيْنِ لميلادِ سيدنا عيسى بن مريم عليهِ أفضلُ الصلاة والسلام، وكنتُ حينئذٍ أعمل في بلدٍ عربي، أتتني رسالةٌ من أختٍ وخالةٍ فاضِلَةٍ من بلاد الأنكتار ((كذا كان الكاتبون من قديمٍ يُسَمُّونَ بلاد الإنكليز زمنَ حروب الفرنجة وهو تحريف الاسم اللاتيني لنفس البلد)) تُدْعى مريمُ وكانت تسألني عن قوله تعالى:

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ