اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لك وتَقْصِيرُكَ فيما طُلِبَ منْكَ، دليلٌ على انطِماس البصيرةِ منك.
شرح الشيخ زروق:
قلتُ : لأنَّك أَتيْتَ بالشَّيءِ على غَيْرِ وَجْهِهِ ، وَوَضَعْتَهُ غيْرَ محلِّهِ؛ إذ عَكَسْتَ ما حَقُّكَ أن لا تَعْكِسَهُ، فَتَرَكْتَ ما أُمِرْتَ بالقِيامِ بِهِ ، وقُمْتَ بما كُفِيْتَ أَمْرَهُ وهُوَ مَضْمُونٌ.
قال في “التنوير” :فكيف يَثْبُتُ لَكَ عَقْلٌ أو بَصِيرَةٌ ، واهتمامُكَ فيما ضُمِنَ لك اقْتَطَعَكَ عن اهْتِمَامِكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ؟ حتَّى قال بَعْضُهُم: إنَّ اللهَ ضَمِنَ لنا الدُّنيا و طَلَبَ مِنَّا الآخِرَةَ، فَلَيْتَهُ ضَمِنَ لَنَا الآخِرَةَ وَ طَلَبَ مِنَّا الدُّنْيا. انتهى.
و عبَّرَ بالاجْتِهاد((في قوله:اجتهادك فيما….)) لأنَّ الطلَبَ دونَه لا يُقْدَحُ ( أي لا يُذَمُّ) ، بل ربَّما كان مطلوباً ؛ …
رحم الله تعالى من وعى فأوعى فنَفَعَ و انْتَفَعَ.
نصيحة من الشيخ حمزة الأمريكي للعرب من أهل هذا الزمان في تناول شؤون دينهم ودنياهم. شعُوبُنا المسْلِمَةُ الموحدة المؤمنة بإلهٍ غير محدود هو الله عز وجل لا تتصور اللانهائية واللامحدودية في الأشياء وتُـؤْمِنُ بضد ذلك: المحدودية والإحاطة بالأشياء و الأهداف فكيف؟
لا أدري من أين جاء هذا التصور ولكني أزعُمُ أنه منتشرٌ بكثرة بين ظهرانينا وأنه يُملي أفكارنا ومواقفنا وتوجهاتنا بل، حياتنا.
والمحدودية هي الايمان بحدود لكل المعاني كمحدودية العلم والصنعة والخبرة والجمال والابداع. فترى المرء يضع حدوداً لكل هدف هو مقبل عليه، متخيلاً أنه ما إن يصلْ تلك الحدود حتى يضعَ رحالَه ويجلسَ هانئاً مطمئناً غيرَ ملومٍ ولا مُثَرَّب، ونتيجتها أن يتصور المرء إمكان الإحاطة بهذه الحدود و المعاني.
أما التفكير بأنه لا هدفَ، سامياً في هذه الحياة، يمكن أن يقفَ عند حّدٍ، وأن …
أَرِحْ نفسَكَ من التدبير
قُلتُ: أفادَ ذِكرهُ للإراحَةِ وجودَ التَعَبِ فيما تُطلَبُ الاستراحة مِنهُ وهو التَدبيرُ، وذلِكَ لما تضمنهُ مِن وجودِ التكديرِ ومنازعتِهِ الحُكمَ والتَقديرَ، فقد قالَ سَهلُ بن عبد الله التُسْتَري رضي الله عنه: ذروا التَدبيرَ والاختيار فإنهما يُكدِّرانِ على الناسِ عَيشَهُم.
وقالَ عليهِ السلام: إن اللهَ جَعَلَ الرَّوحَ والراحةَ في الرِضا واليقين … الحديث. وقالَ عليه السلام: (التَدبيرُ نِصفُ العَيشِ). قيلَ: فتركُ التدبيرِ العيشُ كُلهُ ، لأنَ من لم يُدبِّر دُبِّرَ له، و هذا و إن كان بعيداً عن السِياقِ بالقوة فهو حسنٌ في المعنى إذ التدبيرُ تقديرُ شؤون تكونُ عليها في المُستقبلِ مِما يُخافُ أو يُرجى بالحُكمِ لا بالتفويضِ، فإذا كان مصحوباً بالتفويضِ لم يكن تدبيراً عِند …
سوابِقُ الهِمم لا تخرِقُ أسوار الأقدار
شرح سيدي الشيخ أحمد زروق:
قُلتُ: بَل تدورُ مَعَ القَدر كيفما دار حَسبما دلّت عَليهِ العُقول وقضايا الشَرع والنُقول فقد قالَ الله تعالى: (وَكانَ اللهُ على كُلِّ شيءٍ مُقْتَدِراً) الكهف-٤٥ وقالَ صلى اللهُ عليهِ وسلم: كُلُّ شيءٍ بِقضاءٍ وقَدَرٍ حتى العَجْزُ والكَيْسُ. (صحيح مُسلم).
وأنواع الهِمم ثلاثة: –
١-الهِمَمُ القَواصِر وهي التي تقتضي العَزمَ والحَزمَ مِن غيرِ فِعلٍ ولا انفعال.
٢-والهِمَمُ المتوسطِة وهي التي توجِبُ مع العَزمِ فِعلاً ومع الحَزمِ كمالاً، سواءٌ أوَقَعَ انفعال أو لا.
٣-والهِمَمُ السوابِق وهي قوة النَفسِ الفعّالة في الوجود بلا توقّف كما يكونُ مِنَ العائِنِ، عن خُبثِهِ ومِنَ الساحِرِ عَن عُقَدِهِ ونُفَثِه ومِنَ المُتَريّضِ عَن تجريدِ قُوة نَفسِهِ ومِنَ …
وما اخْتَلَفَ الذين أُوتُوا الكتابَ إلا مِنْ بَعْدِ ما جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ و مَنْ يَكْفُرْ بآياتِ اللهِ فإنّ اللَّهَ سَريعُ الحِسابِ.
يقول (Sale) مترجم القرآن إلى الانكليزية عن نصارى القرن السادس الميلادي : (وأسرف المسيحيون في عبادة القديسين والصور المسيحية حتى فاقوا في ذلك الكاثوليك في هذا العصر) .
الحرب الأهلية الدينية في الدول الرومية :
ثم ثارت حول الديانة وفي صميمها مجادلات كلامية، وسفسطة من الجدل العقيم شغلت فكر الأمة ، واستهلكت ذكاءها ، وابتلعت قدرتها العملية ، وتحولت في كثير من الأحيان حروباً دامية وقتلاً وتدميراً وتعذيباً ، وإغارة وانتهاباً واغتيالاً ، وحولت المدارس والكنائس والبيوت معسكرات دينية متنافسة وأقحمت البلاد في حرب أهلية ، …
إرادتُك التَجْريدَ مع إقامةِ اللهِ إياكَ في الأسبابِ من الشَّهْوَةِ الخَفِيَّةِ وإرادتُك الأسبابَ مع إقامةِ اللهِ إياكَ في التَجْريدِ انْحِطَاطٌ عن الهِمَّةِ العَلِيَّة.
شرح الشيخ أحمد زروق:
قُلت: وإيثارُ كل واحدٍ مِنهُما، بدلاً مِن مقابِلهِ المُقامِ فيه، هو مِن الاعتماد عليهِ((يعني: إيثار المقام الآخر على الذي أنت مُقامٌ فيه يدل على أنك معتمد على هذا الآخر لحصول مقصودك و لسْتَ معتمداً على الله في مقامك الحالي)) في حُصولِ مَقصودهِ، إذ لو لم يَعتَمد (عليهِ)، ما آثرَهُ بدلاً مِن مُقابلِه، فافهم !
والناسُ ثلاثة:
١-مُقامٌ في الأسباب، وحُكمهُ: الِرضى والصَبر والاستسلام، وعلامته استقامتها له، بِحصولِ فوائِدها العادية، واستقامته فيها، بالقيامِ بالحقوقِ الشرعية.
٢-ومُقامٌ في التَجريدِ، وحُكمُهُ: الشُكرُ والتَشميرُ وعدم الفَتَرة …