بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، وأفْضَلُ الصلاةِ وَأَتَمُّ التَسْلِيمِ على كُلِّ الأنْبياءِ والمُرْسلين وعلى خَاتَمِهِمْ سَيِّدِنَا ونَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وأَزْوَاجِهِ أَجْمَعِينَ. أمَّا بَعْدُ:
فإنه لما كانتْ سَنَةُ ثمانٍ وألْفَيْنِ لميلادِ سيدنا عيسى بن مريم عليهِ أفضلُ الصلاة والسلام، وكنتُ حينئذٍ أعمل في بلدٍ عربي، أتتني رسالةٌ من أختٍ وخالةٍ فاضِلَةٍ من بلاد الأنكتار ((كذا كان الكاتبون من قديمٍ يُسَمُّونَ بلاد الإنكليز زمنَ حروب الفرنجة وهو تحريف الاسم اللاتيني لنفس البلد)) تُدْعى مريمُ وكانت تسألني عن قوله تعالى:
وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ …
اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لك وتَقْصِيرُكَ فيما طُلِبَ منْكَ، دليلٌ على انطِماس البصيرةِ منك.
شرح الشيخ زروق:
قلتُ : لأنَّك أَتيْتَ بالشَّيءِ على غَيْرِ وَجْهِهِ ، وَوَضَعْتَهُ غيْرَ محلِّهِ؛ إذ عَكَسْتَ ما حَقُّكَ أن لا تَعْكِسَهُ، فَتَرَكْتَ ما أُمِرْتَ بالقِيامِ بِهِ ، وقُمْتَ بما كُفِيْتَ أَمْرَهُ وهُوَ مَضْمُونٌ.
قال في “التنوير” :فكيف يَثْبُتُ لَكَ عَقْلٌ أو بَصِيرَةٌ ، واهتمامُكَ فيما ضُمِنَ لك اقْتَطَعَكَ عن اهْتِمَامِكَ فيما طُلِبَ مِنْكَ؟ حتَّى قال بَعْضُهُم: إنَّ اللهَ ضَمِنَ لنا الدُّنيا و طَلَبَ مِنَّا الآخِرَةَ، فَلَيْتَهُ ضَمِنَ لَنَا الآخِرَةَ وَ طَلَبَ مِنَّا الدُّنْيا. انتهى.
و عبَّرَ بالاجْتِهاد((في قوله:اجتهادك فيما….)) لأنَّ الطلَبَ دونَه لا يُقْدَحُ ( أي لا يُذَمُّ) ، بل ربَّما كان مطلوباً ؛ …
رحم الله تعالى من وعى فأوعى فنَفَعَ و انْتَفَعَ.
نصيحة من الشيخ حمزة الأمريكي للعرب من أهل هذا الزمان في تناول شؤون دينهم ودنياهم. شعُوبُنا المسْلِمَةُ الموحدة المؤمنة بإلهٍ غير محدود هو الله عز وجل لا تتصور اللانهائية واللامحدودية في الأشياء وتُـؤْمِنُ بضد ذلك: المحدودية والإحاطة بالأشياء و الأهداف فكيف؟
لا أدري من أين جاء هذا التصور ولكني أزعُمُ أنه منتشرٌ بكثرة بين ظهرانينا وأنه يُملي أفكارنا ومواقفنا وتوجهاتنا بل، حياتنا.
والمحدودية هي الايمان بحدود لكل المعاني كمحدودية العلم والصنعة والخبرة والجمال والابداع. فترى المرء يضع حدوداً لكل هدف هو مقبل عليه، متخيلاً أنه ما إن يصلْ تلك الحدود حتى يضعَ رحالَه ويجلسَ هانئاً مطمئناً غيرَ ملومٍ ولا مُثَرَّب، ونتيجتها أن يتصور المرء إمكان الإحاطة بهذه الحدود و المعاني.
أما التفكير بأنه لا هدفَ، سامياً في هذه الحياة، يمكن أن يقفَ عند حّدٍ، وأن …