في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، وأفْضَلُ الصلاةِ وَأَتَمُّ التَسْلِيمِ على كُلِّ الأنْبياءِ والمُرْسلين وعلى خَاتَمِهِمْ سَيِّدِنَا ونَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وأَزْوَاجِهِ أَجْمَعِينَ. أمَّا بَعْدُ:

فإنه لما كانتْ سَنَةُ ثمانٍ وألْفَيْنِ لميلادِ سيدنا عيسى بن مريم عليهِ أفضلُ الصلاة والسلام، وكنتُ حينئذٍ أعمل في بلدٍ عربي، أتتني رسالةٌ من أختٍ وخالةٍ فاضِلَةٍ من بلاد الأنكتار ((كذا كان الكاتبون من قديمٍ يُسَمُّونَ بلاد الإنكليز زمنَ حروب الفرنجة وهو تحريف الاسم اللاتيني لنفس البلد)) تُدْعى مريمُ وكانت تسألني عن قوله تعالى:

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ١٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ١١ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ١٢ وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ ١٣ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ إِلَىٰ شَيَٰطِينِهِمۡ قَالُوٓاْ إِنَّا مَعَكُمۡ إِنَّمَا نَحۡنُ مُسۡتَهۡزِءُونَ ١٤ ٱللَّهُ يَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ وَيَمُدُّهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ ١٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلضَّلَٰلَةَ بِٱلۡهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ ١٦ مَثَلُهُمۡ كَمَثَلِ ٱلَّذِي ٱسۡتَوۡقَدَ نَارٗا فَلَمَّآ أَضَآءَتۡ مَا حَوۡلَهُۥ ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمۡ وَتَرَكَهُمۡ فِي ظُلُمَٰتٖ لَّا يُبۡصِرُونَ ١٧ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ ١٨ أَوۡ كَصَيِّبٖ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فِيهِ ظُلُمَٰتٞ وَرَعۡدٞ وَبَرۡقٞ يَجۡعَلُونَ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِم مِّنَٱلصَّوَٰعِقِ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِۚ وَٱللَّهُ مُحِيطُۢ بِٱلۡكَٰفِرِينَ ١٩ يَكَادُ ٱلۡبَرۡقُ يَخۡطَفُ أَبۡصَٰرَهُمۡۖ كُلَّمَآ أَضَآءَ لَهُم مَّشَوۡاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظۡلَمَ عَلَيۡهِمۡ قَامُواْۚ وَلَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٠.

وكان سؤالُها بالْأَخَصِّ عن قولِهِ: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الذي اسْتَوْقَدَ ناراً فلما أضَاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بنورِهِم…. الآية.

وكانتْ قد قَرَأَتْ تفاسيرَ مختلفةً بعضُها قريبٌ وبعضُها بعيدٌ، ولم تَهْتَدِ إلى المعنى الأَحَقِّ. فَقَرَأْتُ التفاسيرَ التي جاءتْ عنْ هَذِهِ الآيةِ وحاولتُ أن أُقاربَ وأسدِّدَ، وأجْمَعَ لها المعنى، فَأَوَّلُ ما بَيَّنْتُ لها، بُعْدُ التفسيرِ الذي قال: إن الذي اسْتَضَاءَ هو محمدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ (و هو تفسيرٌ مُحْدَثٌ مِنْ أفرادٍ معاصرينَ و لا يعرفونَ العربيةَ). حيثُ أنَّ الاسْتِدْلالَ بكونِ الضميرِ في الفعلِ ضميراً مُفْرَدَاً (الذي استوقد)؛ والضميرِ في جُمْلَةِ الجواب ضميرَ جمع (فلما أضاءت ما حولهم ذهب الله بنورهم…)؛ استدلالُ من لا يعرفُ أساليبَ العربِ،

وقد بَيَّنَ أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جَرِيرٍ الطَبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في تَفْسِيرِهِ أنَّ هَذا مألوفٌ في كلام العرب فقال:

فإن قالَ لنا قائلٌ:

وكيف قيلَ (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)، وقد علمتَ أن ” الهاء والميم “ من قوله ” مثلهم ” كنايةُ جِمَاعٍ1-من الرجالِ أو الرجالِ والنساءِو ” الذي” دلالةٌ على واحدٍ من الذكور؟

فكيف جعَل الخبرَ عن واحدٍ مَثلا لجماعة؟ وهَلَّا قيلَ: “مثلهُم كمثلِ الذين استوقدوا نارًا” ؟

وإن جازَ عندَك أن تُمَثَّلَ الجماعةَ بالواحدِ، فَتُجِيزُ لقائلٍ رأى جماعةً من الرجال، فأعجبتْه صُوَرهم وتمامُ خَلْقِهِمْ وأَجْسَامِهِمْ؛ أنْ يَقولَ:

كأنّ هؤلاء، أو كأنّ أجسامَ هؤلاء، نخلةٌ  ؟

قيلَ:

أما في المَوْضِعِ الذي مثَّل ربُّنا جَلَّ ثَنَاؤُهُ جماعةً من المنافقين، بالواحِدِ الذي جَعَلَهُ لأفعالهم مثلاً، فجائز حسنٌ. وفي نظائره كما قال جل ثناؤه في نظير ذلك:

تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ [سورة الأحزاب: 19]

يعني كَدَوَرَان عيْنِ الذي يُغشى عليه من الموت. 

وكقوله:

مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [سورة لقمان: 28]

بمعنى: إلا كبَعْث نفسٍ واحدة.

وأما في تمثيلِ أجسامِ الجماعةِ من الرجالِ، في الطولِ وتَمَامِ الخَلْقِ، بالواحدةِ من النخيلِ، فَغَيْرُ جائزٍ، ولا في نظائرِهِ، لِفَرْقٍ بَيْنَهُمَا.

فأما تمثيلُ الجماعةِ من المنافقينَ بالمستوقِدِ الواحدِ، فإنما جاز لأنَّ المُرادَ من الخبرِ عن مَثَلِ المنافقينَ، الخبرُ عن مَثَلِ استضاءَتِهِم بما أَظْهَروا بِألْسِنَتِهِمْ من الإقرارِ((أي بالاسلام)) وهم لغيره مِنْ اعتقاداتهم الرَّديئة-مُسْتَبْطِنُونَ، وخلطِهم نفاقَهم الباطنَ بالإقرارِ بالإيمانِ الظاهرِ.

والاستضاءَةُ -وإنِ اخْتَلَفَتْ أشْخاصُ أهلِهَامعنًى واحدٌ، لا معانٍ مختلفةٌ. فالمَثَلُ لها في معنى المثَلِ للشخصِ الواحدِ، من الأشياء المختلفة الأشخاص.

وتأويل ذلك: مَثلُ استضاءة المنافقين بما أظهروه من الإقرار بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، قولا وهُم به مكذبون اعتقادًا، كمثَل استضاءة المُوقِد نارًا. ثم أسقط ذكر الاستضاءة، وأضيف المثَلُ إليهم، كما قال نابغةُ بني جَعْدَة:

وكيف تواصِلُ مَن أصْبَحَتْ                                           خَلالتُه كأبي مَرْحَبِ

يريد: كخلالة أبي مَرْحب، فأسقط “خَلالة”، إذ كان فيما أَظْهَرَ من الكلام، دلالةٌ لسامعيه على ما حَذَفَ منه. فكذلك القول في قوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)، لما كان معلومًا عند سامعيه بما أظهرَ من الكلام، أنّ المثلَ إنما ضُرِب لاستضاءة القوم  دون أعيان أجسامهم -حَسُن حَذْفُ ذِكْرِ الاسْتِضَاءَةِ، وإضافَةُ المثلِ إلى أهْلِهِ. والمقصودُ بالمثل ما ذكرنا. فلما وَصَفْنَا، جَازَ وحَسُنَ قولُه: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا)، وَيُشَبَّهُ مَثَلُ الجماعةِ في اللفْظِ بالواحِدِ، إذ كانَ المُرَادُ بالمثلِ الواحِدُ في المَعْنَى.

وأما إذا أُرِيْدَ تشبيهُ الجماعة من أعيان بني آدم -أو أعيان ذوي الصور والأجسام، بشيء -فالصَّواب من الكلام تشبيهُ الجماعة بالجماعة، والواحدُ بالواحد، لأن عينَ كل واحد منهم غيرُ أعيان الآخرين.

ولذلك من المعنى، افترق القولُ في تشبيه الأفعال والأسماء. فجاز تشبيهُ أفعال الجماعة من الناس وغيرهم -إذا كانت بمعنى واحدٍ -بفعل الواحد، ثم حذف أسماء الأفعال وإضافة المثَل والتشبيه إلى الذين لهم الفعل. فيقال: ما أفعالكم إلا كفِعل الكلب، ثم يحذف فيقال: ما أفعالكم إلا كالكلب أو كالكلاب، -وأنت تعني: إلا كفعل الكلب، وإلا كفعل الكلاب. ولم يَجُزْ أن تقول: ما هم إلا نخلة، وأنت تريد تشبيه أجسامهم بالنخل في الطُّول والتمام.

وأما قوله: (اسْتَوْقَدَ نَارًا)، فإنه في تأويل: أوقدَ، كما قال الشاعر:

وَدَاعٍ دَعَـا: يَـا مَـنْ يُجِيبُ إِلَى النَّدَى                         فَلَــمْ يَسْــتَجِبْهُ عِنْـدَ ذَاكَ مُجِـيبُ

يريد: فلم يُجبه. فكان معنى الكلام إذًا: مَثلُ استضاءة هؤلاء المنافقين -في إظهارهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بألسنتهم، من قولهم: آمنَّا بالله وباليوم الآخر، وصدَّقنا بمحمد وبما جاء به، وهم للكفر مستبطنون -فيما الله فاعل بهم مثل استضاءة موقِد نارٍ بناره، حتى أضاءت له النارُ ما حوله، يعني: ما حول المستوقِدِ.

وقد زعم بعضُ أهل العربية من أهل البصرة: أن ” الذي” في قوله: ” كمثل الذي اسْتَوْقَدَ نَارًا ” بمعنى الذين، كما قال جل ثناؤه: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [سورة الزمر: 33]، وكما قال الشاعر:

فَــإِنَّ الَّـذِي حَـانَتْ بِفَلْـجٍ دِمَـاؤُهُمْ                       هُـمُ الْقَـوْمُ كُـلُّ الْقَـوْمِ يَـا أُمَّ خَـالِدِ

قال أبو جعفر: والقول الأول هو القول، لما وصفنا من العِلة. وقد أغفل قائل ذلك فرقَ ما بين ” الذي” في الآيتين وفي البيت. لأن ” الذي” في قوله: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ، قد جاءت الدّلالة على أن معناها الجمع، وهو قوله: أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، وكذلك ” الذي” في البيت، وهو قوله ” دماؤهم “. وليست هذه الدلالة في قوله: ” كمثل الذي اسْتَوْقَدَ نَارًا “. فذلك فَرْق ما بين ” الذي” في قوله: ” كمثل الذي اسْتَوْقَدَ نَارًا “، وسائر شواهده التي استشهد بها على أنّ معنى ” الذي” في قوله: ” كمثل الذي استوْقَدَ نَارًا ” بمعنى الجماع. وغير جائز لأحد نقل الكلمة -التي هي الأغلب في استعمال العرب على معنى -إلى غيره، إلا بحجة يجب التسليم لها.

ثم مضى الطبري يذكر أقوال السابقين له في تفسير هذه الآية فقال:

ثم اختلفت أهل التأويل في تأويل ذلك. فرُوِي عن ابن عباس فيه أقوال:

 ما حدثنا به محمد بن حُميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: ضرب الله للمنافقين مَثلا فقال: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) أي يُبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خَرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكُفرهم ونفاقِهم فيه، فتركهم في ظلمات الكفر، فهم لا يبصرون هدى ولا يستقيمون على حق.

والآخر ما حدثنا به المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) إلى آخر الآية: هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم كانوا يعتزُّون بالإسلام، فيناكحُهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء، فلما ماتوا سلبهم الله ذلك العزَّ، كما سلب صاحب النار ضَوءَه. (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) يقول: في عذاب.

والثالث: ما حدثني به موسى بن هارون, قال: حدثنا عمرو, قال: حدثنا أسباط, عن السُّدّيّ، في خبر ذكره، عن أبي مالك, وعن أبي صالح, عن ابن عباس – وعن مُرَّة, عن ابن مسعود, وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) ، زَعم أنَّ أناسًا دخلوا في الإسلام مَقدَم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة, ثم إنهم نافقوا، فكان مثلهم كمثل رجُل كان في ظلمة فأوقد نارًا فأضاءت له ما حوله من قَذًى أو أذًى فأبصره حتى عرف ما يتَّقي, فبينا هو كذلك، إذ طَفِئَت ناره، فأقبل لا يدري ما يتَّقي من أذًى. فكذلك المنافق: كان في ظلمة الشرك فأسلم، فعرف الحلالَ من الحرام، والخير من الشر، فبينا هو كذلك إذْ كفَر، فصار لا يعرف الحلال من الحرام، ولا الخير من الشرّ. وأما النُّور، فالإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وكانت الظلمة نفاقهم.

والآخر: ما حدثني به محمد بن سعيد، قال: حدثني أبي سعيد بن محمد قال: حدثني عمي، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس: قوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) إلى: “فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ”، ضرَبه الله مثلا للمنافق. وقوله: (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) قال: أما النور، فهو إيمانهم الذي يتكلمون به. وأما الظلمة، فهي ضلالتهُم وكفرهم يتكلمون به، وهم قوم كانوا على هدًى ثم نُـزع منهم، فعتَوْا بعد ذلك.

وقال آخرون: بما حدثني به بِشر بن مُعاذ، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة، قوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ)، وإن المنافقَ تكلم بلا إله إلا الله، فأضاءت له في الدنيا، فناكَح بها المسلمين، وَغازَى بها المسلمين (أي غزا معهم وغَنِمَ معهم)، ووارثَ بها المسلمين، وَحقن بها دَمه وماله. فلما كان عند الموت، سُلِبَهَا المنافقُ، لأنه لم يكنْ لها أصلٌ في قلبه، ولا حقيقةٌ في عِلمه.

وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا مَعْمَر، عن قتادة ” مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله ” هي: لا إله إلا الله، أضاءت لهم فأكلوا بها وشربوا، وأمنوا في الدنيا، ونكحوا النساء، وحقنوا بها دماءهم، حتى إذا ماتوا ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يُبصرون.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني أبو تُمَيْلَة، عن عُبَيْدِ بن سليمانَ، عن الضحاك بن مزاحم، قوله: ” كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله “، قال: أما النّور، فهو إيمانهم الذي يتكلمون به، وأما الظلمات، فهي ضلالتهم وكفرهم.

وقال آخرون بما حدثني به محمد بن عمرو الباهلي، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى بن ميمون، قال: حدثنا ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، في قول الله: ” مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءتْ ما حوله “، قال: أما إضاءة النار، فإقبالهم إلى المؤمنين والهدَى; وذهابُ نورهم، إقبالهم إلى الكافرين والضلالة.

  • حدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو حُذيفة، عن شِبْل، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: ” مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله “، أما إضاءة النار، فإقبالُهم إلى المؤمنين والهدَى; وذهابُ نورهم، إقبالهم إلى الكافرين والضلالة.

وحدثني القاسم، قال: حدثني الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جُريج، عن مجاهد، مثله.

  • حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: ضَرب مثلَ أهل النفاق فقال: ” مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا “، قال: إنما ضوءُ النار ونورُها ما أوقَدَتْها، فإذا خَمَدَتْ ذهب نورُها. كذلك المنافق، كلما تكلّم بكلمة الإخلاص أضاءَ له، فإذا شك وقع في الظلمة
  • حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني عبد الرحمن بن زيد، في قوله: ” كمثل الذي استوقد نارًا ” إلى آخر الآية، قال: هذه صفة المنافقين. كانوا قد آمنوا حتى أضاءَ الإيمانُ في قلوبهم، كما أضاءَت النارُ لهؤلاء الذين استوقدوا، ثم كفروا فذهب الله بنورهم فانتزعه، كما ذهب بضوء هذه النار، فتركهم في ظلمات لا يبصرون.

ثم قال أبو جعفر الطبري مختاراً:

وأَوْلَى التأويلاتِ بالآية ما قاله قَتَادَة، والضحَّاك، وما رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وذلك: أن الله جلّ ثناؤه إنما ضرَب هذا المثل للمنافقين -الذين وَصَف صفتَهم وقص قصصهم، من لدُن ابتدأ بذكرهم بقوله: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ -لا المعلنين بالكفر المجاهرين بالشرْك. ولو كان المثل لمن آمنَ إيمانًا صحيحًا ثم أعلن بالكفر إعلانا صحيحًا -على ما ظنّ المتأول قولَ الله جل ثناؤه: (كمثل الذي استوقدَ نارًا فلما أضاءَتْ ما حولَه ذهبَ الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون): أن ضوءَ النار مثلٌ لإيمانهم الذي كان منهم عندَهُ على صحةٍ، وأن ذهاب نورهم مثلٌ لارتدادهم وإعلانهم الكفر على صحة -لم يكن هناك من القوم خداعٌ ولا استهزاءٌ عند أنفسهم ولا نفاقٌ. وأنَّى يكون خداعٌ ونفاقٌ ممن لم يُبدِ لك قولا ولا فعلا إلا ما أوجبَ لك العلم بحاله التي هو لك عليها، وبعزيمة نفسه التي هو مقيم عليها؟ إنّ هذا بغير شَكّ من النفاق بَعيدٌ، ومن الخداع بريءٌ. وإذْ كان القومُ لم تكن لهم إلا حالتان: حالُ إيمان ظاهر، وحال كفر ظاهر، فقد سقط عن القوم اسمُ النفاق. لأنهم في حال إيمانهم الصحيح كانوا مؤمنين، وفي حال كفرهم الصحيح كانوا كافرين. ولا حالةَ هناك ثالثةً كانوا بها منافقين.

وفي وَصْف الله جل ثناؤه إياهم بصفة النفاق، ما ينبئ عن أن القول غيرُ القول الذي زعمه من زَعم: أن القوم كانوا مؤمنين، ثم ارتدوا إلى الكفر فأقاموا عليه، إلا أنْ يكون قائلُ ذلك أراد أنهم انتقلوا من إيمانهم الذي كانوا عليه، إلى الكفر الذي هو نفاق. وذلك قولٌ إن قاله، لم تُدرَك صحته إلا بخبر مستفيض، أو ببعض المعاني الموجبة صحتَه. فأما في ظاهر الكتاب فلا دلالة على صحته، لاحتماله من التأويل ما هو أولى به منه.

فإذْ كان الأمر على ما وصفنا في ذلك, فأولى تأويلات الآية بالآية: مثل استضاءَة المنافقين – بما أظهروا بألسنتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الإقرار به, وقولهم له وللمؤمنين: آمنَّا بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر, حتى حُكم لهم بذلك في عاجل الدنيا بحكم المسلمين: في حَقن الدماء والأموال، والأمن على الذرية من السِّباء, وفي المناكحة والموارثة – كمثل استضاءة الموقِد النار بالنارَ, حتى إذا ارتفق بضيائها، وأبصرَ ما حوله مُستضيئًا بنوره من الظلمة, خَمدت النارُ وانطفأت, فذهب نورُه, وعاد المستضيء به في ظلمة وَحيْرة.

وذلك أن المنافق لم يزل مستضيئًا بضوء القول الذي دَفَعَ عنه في حَياته القتلَ والسِّباءَ، مع استبطانه ما كان مستوجبًا به القتلَ وسلبَ المال لو أظهرهُ بلسانه -تُخَيِّلُ إليه بذلك نفْسُه أنَّهُ بالله ورسوله والمؤمنين مستهزئٌ مخادعٌ، حتى سوّلت له نفسُه -إذْ وَرَد على ربه في الآخرة -أنه ناج منه بمثل الذي نجا به في الدنيا من الكذب والنفاق. أوَ ما تسمع الله جل ثناؤه يقول إذْ نعتهم، ثم أخبر خبرَهم عند ورودهم عليه: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ [سورة المجادلة: 18] ظنًّا من القوم أن نجاتهم من عذاب الله في الآخرة، في مثل الذي كان به نجاؤهم من القتل والسباء وسلب المال في الدنيا : من الكذب والإفك، وأنّ خداعَهُم نافعُهم هنالك نفعَه إياهم في الدنيا، حتى عايَنوا من أمر الله ما أيقنوا به أنهم كانوا من ظنونهم في غرور وضلالٍ, واستهزاءٍ بأنفسهم وخداع, إذْ أطفأ الله نورَهم يوم القيامة، فاستنظروا المؤمنين ليقتبسوا من نورهم فقيل لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورًا واصْلَوْا سَعيرًا. فذلك حينَ ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون, كما انطفأت نار المستوقِدِ النارَ بعد إضاءتها له, فبقي في ظلمته حيران تائهًا، يقول الله جل ثناؤه: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [سورة الحديد: 13-15].

ومما سبق يتبين أن ابن جرير رحمه الله قد اختار أن يفسر النار بكلمة الإسلام (وما تبيحه لصاحبها من مغانم دنيوية)، وإطفاء هذه النار بالموت والمصير إلى الله تعالى فيومئذٍ يعلم المنافقون أنهم فقدوا نورهم وأنهم أصبحوا في ظلمة مُحَيِّرة.

والذي يراه العبد الفقير لله (ورأيتُه يومذاك فأوحى إليَّ بكل هذا المقال) أن ما اختاره الطبري بعيد وضعيف للأسباب التالية:

ابن جرير يرى أن المنافقين لا يَثْبُتُ لهم إيمان بل هم كافرون باطناً، والحق أن هذا لا ينفي أن يكون لهم إيمان سابق على نفاقهم، والذي أوحى إليَّ بذلك قولُه تعالى في سورةِ (المنافقون):

إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ ٣

فكما ترونَ أثْبَتَ الله تعالى لهم إيماناً (والحديث هنا عن عموم المنافقين في سورة كاملة) فقال: اتخذوا إيمانهم جُنَّةً (أي تُرْساً يَتَتَرَّسُونَ بِهِ من أن يُتَّهَمُوا بأنهم من أعداء الدين حين ينتقدونه مَلِيَّاً وخُفْيَةً. ثم بَيَّن ذلك أشدّ بيان بقوله: ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبِع على قلوبهم فهم لا يفقهون.

-ابن جرير يرى أن النور هو كلمة الإسلام وإنْ كَفَرَ صاحِبُها باطناً-والمعروفُ من القرآن أنه يستخدم “النور” لوصف الايمان الحقيقي (أي القلبي) لا الإسلام الظاهر وهو المقصود أصلاً من هذا الرمز لأن النور يَهدي ويُستهدى به، وهذا النور الذي ضرب له الأمثلة في تفسيره كله أمور دنيوية ليس فيها شيء من الخصوصية أو ما يُطْلَبُ؛ فهل مناكحة المسلمين وموارثتهم ومغازاتهم من الأنوار؟ ثم إن تأجيلَ انطفاءِ النارِ وحصولَ الظُلْمَةِ إلى يوم القيامة يقتضي أنَّ هؤلاءِ المنافقينَ لا يَشْعُرُون بالحَيْرَةِ والعمى حتى يموتوا، وأنهم قبل ذلك من العارفين المُطْمَئِنِّينَ الذين يَجْمَعُهُم بالمسلمين نطقُهم بالإسلام ظاهراً وهذا هو نورُهم، وكلُّ هذا بعيدٌ عن الحالِ المشاهَدة والتي يشهدُ لها القرآنُ بكثرة وصفه لهؤلاء القوم بأنهم مترددون حائرون لا يعرفون طريقاً ولا يهتدون سبيلاً.

ثم إني قرأتُ التفاسيرَ الأُخرى، فوجدْتُ كثيراً منهم يُسَايِرُ الطَبَرِيَّ في اختياراتِه، إلا ابنَ كثيرٍ الذي وافَقَ الامامَ فَخْرَ الدينِ الرازيَّ وقال قريباً مِنْ هذا الذي قلتُه وهو الراجِحُ عندي والله تعالى أعلم، وذلك لاتِّفَاقِهِ مع باقي القرآنِ ولأنَّهُ يَفْتَحُ البابَ إلى المعنى العظيمِ الماثِل في القرآن والذي غالِبُ المسلمينَ اليومَ عنْهُ غائبونَ.

وفيما يلي قولُ ابن كثير، أوْرَدْتُه تَتِمَّةً للفائدة:

وتقرير هذا المثل: أن الله سبحانه، شبَّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد التبصرة إلى العمى، بمن استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ما عن يمينه وشماله، وتَأنَّس بها فبينا هو كذلك إذْ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد، لا يبصر ولا يهتدي، وهو مع ذلك أصم لا يسمع، أبكم لا ينطق، أعمى لو كان ضياء لما أبصر؛ فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضًا عن الهدى، واستحبابهم الغَيّ على الرّشَد. وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا، كما أخبر عنهم تعالى في غير هذا الموضع، والله أعلم.

وقد حكى هذا الذي قلناه فخر الدين الرازي في تفسيره عن السُدِّي ثم قال: والتشبيه هاهنا في غاية الصحة؛ لأنهم بإيمانهم اكتسبوا أولا نورا ثم بنفاقهم ثانيًا أبطلوا ذلك النور فوقعوا في حيرة عظيمة فإنه لا حيرة أعظم من حيرة الدين.

وزعم ابن جرير أن المضروبَ لهم المثلُ هاهنا لم يؤمنوا في وقت من الأوقات، واحتج بقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8] .

والصواب: أن هذا إخبار عنهم في حال نفاقهم وكفرهم، وهذا لا ينفي أنه كان حصل لهم إيمان قبل ذلك، ثم سُلبوه وطبع على قلوبهم، ولم يستحضر ابن جرير، رحمه الله، هذه الآية هاهنا وهي قوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون: 3]؛ فلهذا وجه [ابن جرير] هذا المثل بأنهم استضاؤوا بما أظهروه من كلمة الإيمان، أي في الدنيا، ثم أعقبهم ظلمات يوم القيامة.

ذكر أقوال المفسرين من السلف بنحو ما ذكرناه:

قال السدي في تفسيره، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من الصحابة، في قوله تعالى: ( فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ) زعم أن ناسًا دخلوا في الإسلام مَقْدَم نبيّ الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ثم إنهم نافقوا، فكان مثلهم كمثل رجُل كان في ظلمة، فأوقد نارًا، فأضاءت ما حوله من قذى، أو أذى، فأبصره حتى عرف ما يتقي منه فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى، فكذلك المنافق: كان في ظلمة الشرك فأسلم، فعرف الحلال والحرام، و[عرف] الخير والشر، فبينا هو كذلك إذ كفر، فصار لا يعرف الحلال من الحرام، ولا الخير من الشر.

وقال مجاهد: (فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ) أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين، والهدى.

وقال عطاء الخرساني في قوله: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) قال: هذا مثل المنافق، يبصر أحيانًا ويعرف أحيانًا، ثم يدركه عمى القلب.

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن عكرمة، والحسن والسدي، والرّبيع بن أنس نحو قول عطاء الخرساني.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) إلى آخر الآية، قال: هذه صفة المنافقين. كانوا قد آمنوا حتى أضاء الإيمان في قلوبهم، كما أضاءت النار لهؤلاء الذين استوقدوا ثم كفروا فذهب الله بنورهم فانتزعه، كما ذهب بضوء هذه النار فتركهم في ظلمات لا يبصرون.

وقال العوفي، عن ابن عباس، في هذه الآية، قال: أما النور: فهو إيمانهم الذي كانوا يتكلمون به، وأمَّا الظلمة: فهي ضلالتهم وكفرهم الذي كانوا يتكلمون به، وهم قوم كانوا على هدى، ثمّ نـزع منهم، فعتوا بعد ذلك.

وأما قول ابن جرير فيشبه ما رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) قال: هذا مثل ضربه الله للمنافقين أنهم كانوا يعتزون بالإسلام، فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء، فلما ماتوا سلبهم الله ذلك العِزّ، كما سُلِب صاحب النار ضَوءه.

وقال أبو جعفر الرازي، عن الرّبيع بن أنس، عن أبي العالية: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) فإنما ضوء النار ما أوقدتها، فإذا خمدت ذهب نورها، وكذلك المنافق، كلما تكلم بكلمة الإخلاص، بلا إله إلا الله، أضاء له، فإذا شك وقع في الظلمة.

وقال الضحاك [في قوله] (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) أما نورهم فهو إيمانهم الذي تكلموا به.

وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن قتادة: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ) فهي لا إله إلا الله؛ أضاءت لهم فأكلوا بها وشربوا وأمنوا في الدنيا، ونكحوا النساء، وحقنوا دماءهم، حتى إذا ماتوا ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون.

وقال سعيد، عن قتادة في هذه الآية: إن المعنى: أن المنافق تكلم بلا إله إلا الله فأضاءت له الدنيا، فناكح بها المسلمين، وغازاهم بها، ووارثهم بها، وحقن بها دمه وماله، فلما كان عند الموت، سلبها المنافق؛ لأنه لم يكن لها أصل في قلبه، ولا حقيقة في عمله.

(وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) يقول: في عذاب إذا ماتوا.

وقال محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عِكْرِمة، أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) أي يبصرون الحق ويقولون به، حتى إذا خرجوا من ظلمة الكفر أطفؤوه بكفرهم ونفاقهم فيه، فتركهم الله في ظلمات الكفر، فهم لا يبصرون هدى، ولا يستقيمون على حق.

وقال السدي في تفسيره بسنده: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ) فكانت الظلمة نفاقهم.

وقال الحسن البصري: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) فذلك حين يموت المنافق، فيظلم عليه عمله عمل السوء، فلا يجد له عملا من خير عمل به يصدق به قول: لا إله إلا الله.

(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) قال السدي بسنده: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) فهم خرس عمي.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) يقول: لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه، وكذا قال أبو العالية، وقتادة بن دعامة.

(فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) قال ابن عباس: أي لا يرجعون إلى هدى، وكذلك قال الرّبيع بن أنس.

وقال السدي بسنده: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) إلى الإسلام.

وقال قتادة: (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) أي لا يتوبون ولا هم يذكرون.

انتهى النقل عن ابن كثير.

ولكن في الآية مع ذلك نُكْتَةٍ غامضة!

فإذا فرضْنَا أن مَثَلَ المنافقين كَمَثَلِ رجلٍ أوقد ناراً (أو طَلَبَ ناراً تَهْدِيْهِ لقوله: “اسْتَوْقَدَ”) فلما أضاءتْ النار ما حوله، ذَهَب الله بنورهم، ففقدوا الرؤية التي حصلتْ لهم وقعدوا في ظُلمة. فما الذي جعلَ اللهَ سبحانه يذهبُ بنورهم ولماذا عُوقبوا بفُقدان البصيرةِ بعد أن أَضَاءَ ما حَوْلَهُمْ لهم ؟؟

في البداية، أَجَبْتُ الأُخْتَ بما فَتَح الله تعالى عليَّ بِهِ إذَّاكَ وقلتُ لها ماهذا تَعْريْبُهُ :

إن القرآنَ الكريمَ يطرحُ علينا صورةً مُذْهِلَةً لشخصيةِ ونفسيةِ هؤلاء المنافقين، بحيث يَصِحُّ القولُ أنَّ المنافقَ ليس (دائماً) هو تلكَ الصورةُ التي تُرسَم لنا بأنهُ الذي يُخْفِي الكُفْرَ و يُظْهِرُ الإسلامَ، إذْ لو صَحَّ ذلك لكانَ هؤلاءِ المنافقون كفاراً يتظاهرون بالإسلامِ لحاجةٍ عندهم و هم على يقينٍ من بُطلانه و صِحَّةِ معتقدهم أو إنْ شئْتَ على الأقلِّ هم مطمئنونَ إلى أنهم ماضونَ في طريقِ إنكارِهم و كفرِهم (المُبْطَنِ) هذا حتى النهاية.

ولكنَّ الآياتِ تظهرُ لنا شخصيةً قلقةً مضطربةً لا تكادُ تعرف الاستقرارَ أو الراحةَ وهي تبحثُ عن الطريقِ الذي تشاءُ سلوكَهُ بحريةٍ وثقةٍ. ويَظْهَرُ ذلك في هذه الصورِ الرائعةِ التي يَبُثُّها القرآن: رجلٌ استوقدَ ناراً لإضاءة ما حوله من أشياءَ فلما رأى وعَرَفَ الطريق، طُفِئَتْ ناره وبقي في ظلمة فلم يعرفْ كيف يسير فيما رآه.

أقوامٌ يَسْرُون في ليلة ماطرة شاتية فيها رعد وبرق وصواعق تَبْرُقُ فتجعل النظر حسيراً والرؤية قصيرة، وكلما بَرَقَ البَرْقُ وأرْعَدَ الرعْدُ وضعوا أيْدِيَهم في آذانِهم مخافةَ الموتِ أن يُصَيْبَهُمْ، وهم سائرون ما لاحَ لهم ضَوْءٌ، فإذا أَظْلَمَتْ عليهم وقفوا حائرين.

نلاحظ السمات التالية:

  1.  الأقوام سائرون في طريق الحياة لهدف غير محدد
  2.  هم خائفون، قَلِقُونَ، مُتَرَقِّبُونَ، يَرَوْنَ كُلَّ ما في الدنيا مخُيفاً ومُريعاً، وهو عندَ غيرهم مظاهرُ طبيعيةٌ فقط. وحينَ يُحِسُّونَ بأن كارثةً على وَشَكِ أن تَقَعَ على رؤوسِهِم لا يَسَعُهُمْ إلا إغماضُ العينينِ وسَدُّ الأُذُنَيْنِ((وهذا يذكرنا بمثال النعامة الشهير وإن كان ذلك خطأ شائعاً ولكن العبرةَ بما وقع بين الناس من المثل)) مع أنَّ اللهَ محيطٌ بالكافرين.
  3.  كلما لاحَ لهمْ ضَوْءٌ مَشَوا فيه. وعبارة الآية مُفهِمَةٌ أن ذلك الضوءَ متغيرُ الجهةِ كلَّ مرة، ولذلك يَتَغَيَّرُ مسارُهم كُلَّ مَرَّةٍ، لِيَزْدَادُوا ضَيَاعاً وتَيْهاً إذْ يسيرونَ في مسارٍ مختلفٍ كلَّ مرة يضيءُ لهم ضَوْءُ الصَّوَاعِقِ والبرقُ، فلا يهتدون.

فهل نجد مما سبق أيَّ مَظْهَرٍ لنفسٍ مستقرةٍ واثقةٍ مما هي عليه وإنْ كانتْ تُبْطِنُ خلاف ما تُظْهر لمصلحةٍ ترتأيها؟

الذي استقرَّ في أذهانِ الناسِ أن المنافقَ هو كالجاسوس الذي يَعملُ في الخفاء، أو أنه كالمُداهِنِ رياء يَعلمُ شيئاً ويقول خلافه أو يقول شيئاً ويعمل بخلافه في السر، وهو بذلك يعادل كلمة Hypocrite الإنكليزية

ولأَسْرُدْ لكم ما قالتْ مَرْيَمُ حينما شَرَحَتْ هذا المفهومَ الذي يتعلمونه (ونحن معهم) لكلمةِ المنافق بأنها الهيبوكرِت:

I am glad you mention that “munifaqeen” are not the same as “hypocrites”, as I have noticed that “hypocrites” (as a translation) does not fit all contexts. Again this would involve an entire post-Ramadhan project, including finding out what the ancient Greeks meant by ‘hypocrite’ and what the educated English meant by it when they first introduced it into the language.

In English “hypocrite” definitely means somebody who pretends to stand for certain standards ( of belief or behaviour) in public, but does not really believe in them, and may act contrary to them in private, and in private may mock or despise the “fools” who really believe in these certain standards of belief or behaviour.

A good example is in Christian theological colleges, where eventually a student may point out to the teacher that the Bible does not say this or that, and the teacher says that the teachers know this, but that this is what the future priest is to teach his congregation.

I know of two examples of this happening. In both cases the student walked out of the college, and in the one case, he became a Muslim.

وقد رأينا أن هذا المعنى المستخدمَ لكلمة هيبوكرِت يقابل: المداهنةَ في العربيةِ وأن المُداهِنَ يَعْلَمُ ما يصنعُ ولكنه يَتَوَسَّلُ الوسائلَ لغايته ولا يَرْقُبُ دونَ ذلك خُلُقاً ولا إلّاً2.

أما المنافِقُ، فقد يكون مُداهناً في بعض الأحيان وذلك في الحالات القُصْوَى ولكنَّ مَعْدِنَ النفاقِ غيرُ مَعدِنِ المُداهنة فما أصْلُ النِفَاقِ ؟؟

أصل الجَذْرِ: ن.ف.ق يدل على الخُفيَة والسرعة فتقول نَفَقَ إذا خرج بسرعة ومنه اسْتُعيرَ لموْتِ الدوابِّ، ويقالُ: بضاعةٌ نافِقَةٌ إذا كانت سريعةَ البيعِ والاختفاءِ وسُمِّيَتْ النَفَقَةُ كذلك لأنها سريعة الصرف جارية على الدوام وقيل: أنْفَقَ (بالتعدية بالهمزة) تَيَمُّنَاً بسرعةِ إخراجِ الصدقة وهكذا.

ثم إ ن أصل استخدام النِفاق(بالمعنى المستخدم في القرآن) اشْتُقَّ من أن حيواناً يُعْرَفُ باليَرْبُوعِ (وهو جُرَذٌ كبير يعيش في الصحراء ويعرفه العربُ جَيِّداً) يبْني بَيْتَهُ في الرمال بحيث يجعلُ له دائماً بابين: فالأولُّ يأتيه ويخرجُ منه إذا كانت الأحوالُ سِلْماً و أمْناً ولا شيءَ يدعو للقَلَقِ أو الفَزَعِ بحيثُ يُرَى أنَّ هذا هو بيتُهُ ويُسمّى هذا الباب: الخارجاء، والثاني يَجْعَلُهُ خَفِيِّاً وسِرِّيَاً، يَهربُ منه إنْ حَدَثَ أي داعٍ من دواعي الخَطَرِ أو الجَزَع ويُسَمَّى: النافقاء.

إن هذا اليربوعَ أو المنافِقَ، لِنَفْسِهِ يعيشُ ولا يَرْقُبُ إلا نَفْسَهُ، ولذا تجدُهُ خائفاً يَتَرَقَّبُ ويَتَرَبَّصُ وكما قال تعالى في الآية الأخرى:

(…يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم…).المنافقون-٤

وهو ما تُحسه من قراءة وَصْفِهِم من آياتِ سورةِ البَقَرَةِ السابقةِ.

ولكنْ عَوْدَاً على بَدْءٍ، لماذا ذَهَبَ اللهُ بنورهِم أصلاً وما الذي جَنَوه حتى تَطْفَأَ نارُهم؟

الذي يلوح لي وهو ما أَجَبْتُ به الأختَ الفاضلةَ قَبْلاً أنَّ أولئكَ الذين استوقدوا ناراً (وهو إيمانهم بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام) كانوا يطمعونَ أن يَرَوْا و يَحُوْزُوا شيئاً معيناً يَخْدِمُ مصالحهم ويتماشى مع أهدافهم الْدُنْيَوِيَّةِ فلما أضاءتِ النارُ ما حولهم رَأَوْا أنهم قد رَكِبُوا مَرْكَباً صعباً بإسلامهم و أن ذلكَ الايمانَ لم يحققْ لهم أهدافَهَم و بات خَطَراً عليهم فأضْمَرُوا النفاقَ و تَشَكَّكُوا في إيمانِهِم فذلك حين ذهب اللهُ بنورهم و أصبحوا لا يهْتَدُونَ إلى الطريق الصحيح(من وجهة نظرهم) فأمْضَوا عمرَهُم يَتَرَدَّدُون بين يمينٍ و شِمالٍ و عاشوا الدهرَ في حَيْرَةٍ لا يُنهيها إلا الموتُ. وهذا في الحقيقةِ من أكبرِ وأوضحِ خصالِ المنافقين في كل زمان وهو أمرٌ معجز:

إنهم لا يستطيعون الخروجَ مما نافقوا فيه (الإسلام مثلاً في كلامنا) طيلةَ عُمْرِهِم ويموتون على النفاق. وإليكم التفصيل والبيان وطبقات المنافقين.

يتبع في الجزء الثاني
  1. الجِماعُ بكسر الجيم هو الجمع من الأفراد أو الناس []
  2. أي عَهْدَاً []
0 0 أصوات
Article Rating
اشترك
Notify of

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

6 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
hany.taifoor
hany.taifoor
9 years ago

و سؤال آخر : هل التخبط و الشك و الريبة التى تداخل كثيرا من المسلمين في ايامنا هذه -بسبب تفريغ الاسلام من جوهره على السنة من يسمون بالمشايخ و تحويل الدين لطقوس فقط و خروج فصائل مجرمة الى الساحة مثل داعش و حالش بإسم الاسلام ترتكب افظع الافعال ،و ايضا الحرب الاعلامية من قبل الغرب- نوع من انواع النفاق ام هي حالة طبيعية الانسان مفطور عليها ؟

hany.taifoor
hany.taifoor
9 years ago

ادام الله عليك العافية و امتعنا بعلمك اخي ، لم اجد من اقوال الاولين ما يشفي الظمأ في تفسير الآية و قد اصبت بخيبة أمل حتى تقدمت بكلامك فوجدت الروعة في البيان القرآني و فهمت المقصود و إني كنت أعتقد بكلمة المنافقين ما ورد أي المداهنين، و لكن لي استفسار خارج عن الآية ( في قول المفسرين كالطبري-حتى حُكم لهم بذلك في عاجل الدنيا بحكم المسلمين: في حَقن الدماء والأموال، والأمن على الذرية من السِّباء)
سؤالي: هل من المفروض على الكافر المقر (الملحد في يومنا) المقيم بين المسلمين مذعنا لسلطان المسلمين و ليس بمحارب في دولة متخيلة تقوم على بالشريعة الاسلامية ان يستباح دمه و ماله و ان تسبى نساءه و هل كان النظام هكذا في الدول الاسلامية المتلاحقة ؟

6
0
نحب سماع رأيكم ، فأفيدونا من فضلكمx
()
x