البلاء والرجوع-القسم الأول

البلاء والرجوع-القسم الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خيرٌ أما يشركون

أما بعد

فهذه وُريقاتٌ قد خطر لي أن أسطرها في ستة الأيام التي خلت من تاريخ هذه الليلة، واللهَ أسألُ أنْ يعينني في إظهارِها على الوجهِ المفهومِ الذي تكمُلُ به الفائدةُ، فإنْ كان فيها مِن خَطأ أو مجانبةٍ للصواب فمن نفسي وهذيانِها وإنْ كان هذا الخاطرُ من الرحمنِ، فقدْ أعلمُ أنْ سيكونُ فيه لبعض الناس خيرٌ كثير.

قد اسْتَقْريتُ في كتابِ اللهِ ذكرَ الآياتِ التي فيها قولُه “لعلهم يرجعون” حينما يُعلّلُ بهِ إيقاعِ العذابِ على الناسِ في هذه الحياةِ الدنيا فوجدتُ هذه الآياتِ من سورِ الأعراف والروم والسجدة والزخرف والأحقاف:

الأعراف ١٦٨

وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَماۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ

هذه الآياتُ في ذكر بني إسرائيلَ والحكمةُ منها عامةٌ وفيها أنَّ البلاءَ يكون بالحسناتِ والسيئاتِ، فأما الحسناتُ فيبلوهُم ليرى كيف يعملونَ وهل يشكرونَ وهل يُفيضونَ من نعمةِ اللهِ التي أنعَمها عليهم على من هم دونَهم؟

وأما السيئاتُ هنا فهي ما يسوءَ الانسانَ من الضراءِ والبأساءِ ليَرى هل يصبرونَ وهل يَرجعونَ؟

الأعراف ١٧٤
وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نُفَصِّلُ الآيات وَلَعَلَّهُمۡ يرۡجِعُونَ

وكذلك نفصِّلُ الآياتِ ولعلهم يرجعون….

الروم ٤١
ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيدِي ٱلنَّاسِ لِيذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمۡ يرۡجِعُونَ

قد احتارَ المفسرونَ القُدامى في أنْ يرَوا الفسادَ الذي ظهر في البحرِ، والحقُّ أن هذا الأمرَ في عصرنا هذا أوضحُ من أن يُحاجَّ فيه أو يُسألَ عنه.

وفي قوله “ليذيقهم بعضَ الذي عملوا” إشارةٌ إلى أن هذا البلاءَ أو العذابَ ليس عقاباً شاملاً على كل ما عملوا فقد قال تعالى في غير ما موضعٍ من كتابه أنْ لوشاءَ أنْ يؤاخذَ الناسَ بما عملوا في الدنيا ما ترك عليها من أحدٍ، وإنما هو كما قالَ: ليذيقهم طعمَ بعضِ عملهم لعلَّهم يشعرونَ بفسادِ ما فَعلوا فينتهونَ عنه ويَرجعونَ إلى الله.

السجدة ٢١

وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يرۡجِعُونَ

وهذا أيضاً واضحٌ في أن هذا العذابَ الأدنى إنما كان كذلك لأنه عذابٌ على بعضِ ما يعملونَ ولأنَّ الغايةَ التي تُرجى منه هي عودتُهم.

الزخرف ٤٨

وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يرۡجِعُون

لمَّا لمْ تنفعِ الآياتُ في أن يعرفوا للهِ حقَّ عبوديتِهِم له وربُوبِيَّتِهِ عليهم، أخذهمْ بالعذابِ حتى يظهرَ ذلك عِياناً فيُعرَفَ مَنِ العبدُ ومَنِ الربُّ.

الأحقاف ٢٧

وَلَقَدۡ أَهۡلَكۡنَا مَا حَوۡلَكُم مِّنَ ٱلۡقُرَىٰ وَصَرَّفۡنَا ٱلۡـَٔايـٰتِ لَعَلَّهُمۡ يرۡجِعُونَ

وهذا من الاعتبارِ بمن هو حولهم والعاقلُ من اتَّعظَ بغيره.

وههنا موضعٌ لملحوظتين:

الأولى ما ذكره الإمامُ الفخرُ الرازي في تفسيرِه لآيةِ الرومِ إذ قال ما نَصُّهُ : (واعْلَمْ أنَّ كُلَّ فَسادٍ يَكُونُ فَهو بِسَبَبِ الشِّرْكِ، لَكِنَّ الشِّرْكَ قَدْ يَكُونُ في العَمَلِ دُونَ القَوْلِ والِاعْتِقادِ فَيُسَمّى فِسْقًا وعِصْيانًا؛ وذَلِكَ لِأنَّ المَعْصِيَةَ فِعْلٌ لا يَكُونُ لِلَّهِ بَلْ يَكُونُ لِلنَّفْسِ، فالفاسِقُ مُشْرِكٌ بِاللَّهِ بِفِعْلِهِ، غايَةُ ما في البابِ أنَّ الشِّرْكَ بِالفِعْلِ لا يُوجِبُ الخُلُودَ؛ لِأنَّ أصْلَ المَرْءِ قَلْبُهُ ولِسانُهُ، فَإذا لَمْ يُوجَدْ مِنهُما إلّا التَّوْحِيدُ يَزُولُ الشِّرْكُ البَدَنِيُّ بِسَبَبِهِما، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيُذِيقَهم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ قَدْ ذَكَرْنا أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ تَمامَ جَزائِهِمْ وكُلَّ مُوجِبِ افْتِرائِهِمْ، وقَوْلُهُ: ﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ يَعْنِي كَما يَفْعَلُهُ المُتَوَقِّعُ رُجُوعَهم مَعَ أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنَّ مَن أضَلَّهُ لا يَرْجِعُ، لَكِنَّ النّاسَ يَظُنُّونَ أنَّهُ لَوْ فُعِلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ لَكانَ يُوجَدُ مِنهُمُ الرُّجُوعُ، كَما أنَّ السَّيِّدَ إذا عَلِمَ مِن عَبْدِهِ أنَّهُ لا يَرْتَدِعُ بِالكَلامِ، فَيَقُولُ القائِلُ لِماذا لا تُؤَدِّبُهُ بِالكَلامِ ؟ فَإذا قالَ لا يَنْفَعُ، رُبَّما يَقَعُ في وهْمِهِ أنَّهُ لا يَبْعُدُ عَنْ نَفْعٍ، فَإذا زَجَرَهُ ولَمْ يَرْتَدِعْ يَظْهَرُ لَهُ صِدْقُ كَلامِ السَّيِّدِ ويَطْمَئِنُّ قَلْبُهُ).

 فهو هنا يقول إنَّ رجوعَهمُ غيرُ حاصلٍ في علمِ اللهِ لمَنْ أَضَلَّهُ منهم ولكنْ يَبْلوهم لِيُقِيمَ الحُجَّةَ عليهم، وقدْ يَنْتَفِعُ بهذا البلاءِ بعضُهم.

ومع أنَّنا نؤمنُ بأنَّ مَنْ حَقَّتْ عليهِ الضلالَةُ لا يتوبُ ولايَرْجِعُ، فإننا نؤمنُ كذلك أنَّ اللهَ استثنى القليلَ دائماً من الكثيرِ في هذه المسألةِ فقال عن قريةِ يونس:

فَلَوۡلَا كَانَتۡ قَرۡيةٌ ءَامَنَتۡ فَنَفَعَهَاۤ إِيمَـٰنُهَاۤ إِلَّا قَوۡمَ يونُسَ لَمَّاۤ ءَامَنُوا كَشَفۡنَا عَنۡهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡي فِي ٱلۡحَيوٰةِ ٱلدُّنۡيا وَمَتَّعۡنَـٰهُمۡ إِلَىٰ حِينٍ.

فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُولُوا بَقِيَة ينۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلا مِّمَّنۡ أَنجَينَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتۡرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجۡرِمِينَ. هود ١١٦

وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡيةٍ بَطِرَتۡ مَعِيشَتَهَاۖ فَتِلۡكَ مَسَـٰكِنُهُمۡ لَمۡ تُسۡكَن مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِيلاً ۖوَكُنَّا نَحۡنُ ٱلۡوَ ٰ⁠رِثِينَ. القصص ٥٨ 

ونحن- ومَن بلغَه هذا الكلام – في هذا الزمانِ العظيمِ بلاؤه المُحَيِّرةِ فِتْنَتُه، نطمعُ في كرمِ الله ونأملُ في رحمته التي وَسِعَتْ كلَّ شيء أنْ نكونَ من هذا القليلِ الذي نَفَعَهُ إيمانُه ورَجَعَ إلى الحقِّ وإلى توحيد اللهِ، واللهُ هو المرتجى.

وهذا موضع الملحوظة الثانية، وهو ما حملني على كتابة هذه السطور:

أما السؤال عمَّن نرجع إليه فجوابه لا خلاف فيه كما أعلم:

الله!

ولكن السؤال حقاً هو

أن نفهم كيف نرجعُ إلى الله؟

لأن الناسَ قد اختلفوا دوماً في معرفة ما يريدهُ اللهُ منهم، ومعظمُ هذا الاختلافِ كان بغياً بينهم من بعدِ ما جاءهم العلمُ والبينات.

وليس هذا موضعَ الحوارِ والمناظراتِ الايديلوجيةِ والمذهبيةِ، ولا أنا بالذي يُطيقُ هذا أو يتسع له الزمانُ، ولكنْ رأيتُ أنَّ من تمامِ رحمةِ الله على عباده وحجتِهِ عليهم أن يكونِ الجوابُ في ذاتِ البلاء.

كيف؟؟

قلتُ: يكون ذلك فيما يُلجئُ البلاءُ الناسَ إليه وبعضُ ذلك يكون جزاءً عادلا وقد يموتُ أحدُهم من ذلك، ولكنْ لو تأمَّلْنا فيما يفعلُهُ الناس البقيةُ نتيجةً للبلاء فربما عرفنا من أين بُلينا وكيف الرجوعُ إلى جادة الصواب.

فقدْ أرى أن الناسَ في عصر هذا البلاء الفيروسي قد كَفُّوا عن اللُّهاثِ وراءَ أعمالهم وقَعَدوا في بيوتهم لفترةٍ من الزمنِ يتأمَّلون ما نسَوه في حياتهم الأولى.

وقد أرى أنهم امتنعوا عن الشراءِ وعوائده ومخالطة الأسواق وشرورها إلا ما كان لازماً لقوت يومهم (أو قوت أَشْهُرِهِم!) ولعلاجِ مرضاهم (أيضاً لبرهة من الزمن).

وقد أرى أنهم انْتَهَوا عن الملاهي وكلِّ ما ليسَ بضرورةٍ من لهوِ الحديث وغيره.

ثم أرى أنهم قد اجْتمعوا إلى بعضهم فجلسوا مع أُسَرِهم وأقربائهم وقتاً قد يطولُ لأسابيعَ وأَشْهُرٍ فعرفوا من بعضهم ووصلوا من رَحِمِهم ما كان حَرِيَّاً أن يُعرَفَ حقُّه من قبلُ وأن يوصَلَ. ومع صعوبةِ التعليم على الانترنت ففيه ميزةُ أن يَشْرَكَ الآباءُ أبناءَهم في العلم، وأن يعرفوا الكثير عما يُعَلَّمُهُ أبناؤهم.

وقد يتزاورُ ذوو القربى والأرحامِ (إذا أَمِنَ بعضُهم بعضَاً لِجِهَةِ العدوى بالكُرونا) لما يجدونه من فراغِ الوقتِ، وهذا ما قَصَّرْنا فيهِ كلنا من قبلُ.

وقد عَرَفَ الجميعُ أهميةَ النظافةِ والطهارة من سُنَّةِ نبينا صلى الله عليه وسلم، بعد أن أهملناها زمناً ليس بالقصير.

كما عادَ إلينا تقديسُ شريعتنا التي كانت تنهانا عن الخبائثِ فكنَّا نَزْعُمُ أننا بهذه الأمورِ أَعْلَمُ وأن الغربَ والشرقَ لو علموا فيها (أي الخبائث) شرَّاً لانتهَوا عنها.

ثم لو نظرنا نظرةً أشملَ وأعمَّ إلى دول العالم لوجدنا قَبَساً من خيرٍ ورِيحَ معروفٍ كادوا أن ينتهوا إليه لولا أن غلبتْ عليهم نفوسُهُم وضيقُ قوميِّاتِهم.

أعني بذلك مساعدةَ الدولِ بعضَها وتخليها عن المصالحِ الضيقة، وتوسيعَها على ذوي الحاجة من المهاجرين واللاجئين، ورفعَها الظُّلمَ عمن ظُلمَ على أرضِها أو بسببِها، وأنا هنا أعني الدولَ الغربيةَ ودولاً شرقية كالصين والهند.

قد رجوتُ أن يكون حُلمي مكتملاً وأنْ تفعلَ الشعوبُ كلَّ ما سَبَقَ، وإنْ كنتُ أرى أنهم قليلاً ما يفقهون وقليلاً ما يؤمنون.

   وأَخُصُّ هنا بالذكرِ ما أراهُ من الخلْطِ بين الدينِ الحقِّ والدينِ الكَذِبِ على وسائل الإعلام، فمَن يزعمونَ أنَّ إيمانَهم وطقوسَهم تحميهم مِن غَضَبِ اللهِ بغيرِ أنْ يَتَّخِذُوا إلى الوقايةِ سبيلاً من سَنَنِ اللهِ في الكون (كالوقايةِ من العدوى والعزلِ)، قد غَرَّتْهمْ أنفسُهم من اللهِ وما عرفوا أنَّ اللهَ إذا غضبَ أرسلَ عذاباً وإذا أرَسلَ عذاباً فالسلوكُ الصحيحُ هو الانعزالُ والالتجاءُ إلى اللِه والبكاءُ من الذنوبِ ومن خشيتِه، لا المباهاةُ والإدلالُ عليهِ كأنَّنا مِن أنبيائه وأوليائه.

وليست كلُّ دعوةٍ إلى الاتعاظِ تحمِلُ في طَيَّاتها احتقارَ العلمِ والطبِّ وتُسْهِمُ في انتشار العدوى، بلْ نحنُ مسلمونَ مؤمنونَ برب العزة وأنه مالكِ المُلكِ، ومع ذلك نلجأُ إلى ما علَّمهُ اللهُ للبشر لِنَتَّقِيَ الأمراضَ.

ولكن الشرَّ كلَّ الشرِّ هو فيمن يصرُّ على ألا يفهمَ الحكمةَ من كل ما يحدثُ ويظن أنه قادرٌ على الأرض وأنه أوتي من كلِّ شيءٍ

مع أن اللهَ سبحانه يُريهِ كلَّ لحظةٍ أنه غيرُ قادرٍ على شيء.

وأختِم كلامي هذا بالقولِ: إنَّ من أعظمِ وسائلِ استرضاءِ المولى عز وجل في هذا البلاء هي أنْ نعتنيَ بأنفسِنا (يعني ببعضنا) وأنْ نُكْثِرَ إكثاراً من الصدقاتِ والمعوناتِ لبني البشرِ على كلِّ السُبُلِ وألا نَطلُبَ بذلك إلا وجْهَ اللهِ ورَفْعَ عذابِه عنَّا لأنَّ هذا البلاءَ قد يُظهرُ صورةَ أعمالنا القذرةِ التي سبقتْ (وقد حَصَلَ الآنَ ويظهرُ في أثَرَة كلِّ شعبٍ لنفسِه وكلِّ رأسماليٍّ لأرباحِه) وقد يدفعنا إلى إظهارِ أعمالٍ صالحةٍ بعكس ذلك، تُظهرُ الخيرَ فينا وتُطفئُ غَضَبَ ربِّنا.

اللهم ارحمْنا برحمتِكَ التي لا مُمسكَ لها إلا أنتَ، واجعلنا ممن يسْتَمعونَ القولَ فيتَّبعونَ أحسَنَهُ واجعلْنا من قليلِ عبادِكَ الذينَ يَرْجِعون.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله الأطهار الطيبين

والحمد لله رب العالمين

وكتبهُ الفقيرُ الراجي رحمةَ ربِّه ناصحُ بنُ كمال لأربعةَ عشرَ ليلةً خَلَتْ من شعبانَ من عام ١٤٤١

3.3 3 أصوات
Article Rating
اشترك
Notify of

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

0 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
نحب سماع رأيكم ، فأفيدونا من فضلكمx
()
x