- ٧- لا يُشَكِكَنَّكَ في الوعْدِ عَدَمُ وقوعِ الموعودِ
- ٢- إرادتُك التَجْريدَ مع إقامةِ اللهِ إياكَ في الأسبابِ من الشَّهْوَةِ الخَفِيَّةِ
- ٦- لا يَكُنْ تَأَخُّرُ أَمَدِ العَطَاءِ مَعَ الالْحَاحِ في الدُّعَاءِ مُوجِبَاً لِيَأْسِكَ
- ٣- سوابِقُ الهِمم لا تخرِقُ أسوار الأقدار
- ٥- اجْتِهادُكَ فيما ضُمِنَ لك وتَقْصِيرُكَ فيما طُلِبَ منْكَ، دليلٌ…
- ٤- أَرِحْ نفسَكَ من التدبير
لا يُشَكِكَنَّكَ في الوعْدِ عَدَمُ وقوعِ الموعودِ و إنْ تَعَيَّنَ زَمانُهُ، لئلا يَكُونَ ذلك قَدْحَاً في بَصِيْرَتِكَ وإخْمَادَاً لنُورِ سَريرَتِكَ .
شرح الشيخ زروق:
قُلتُ : التَشَكُّكُ هو التََرَدُّدُ بَيْنَ إيقاعِ الشَكِّ و نَفْيِهِ، لإضطِّرَابِ النفسِ في موجِبهِ، بحيث يقول: “الوعدُ صِدْقٌ و الزمانُ مُتَعَيِّنٌ و الموعودُ مفقودٌ” فَيَتَحَيَّرُ في ذلك و يشُكُّ.
و هذا مِنْ ضِيقِ المَعْرِفَةِ ، و الوقوفِ مَعَ ظاهِرِ الوَعْدِ، دونَ نَظَرٍ إلى باطِنِ الإتِّصافِ؛ إذْ لو اتَّسَعَتْ دائِرَتُهُ عَلِمَ أَنَّ ظاهِرَ الوعْدِ لا يَقْضي على باطنِ الصِفَةِ، فَجَزَمَ بالوعْدِ وراعى باطِنَ الوصفِ بِتَقْدِيرِ تَعَلُّقِ الأَمْرِ بِشَرْطٍ سَتَرَهُ الحَقُّ عَنْهُ ؛ إذْ لا يَجِبُ عليه بيانُ ما يريدُ اشْتِراطَهُ ، بل يَصِحُّ في الحِكْمَةِ سَتْرُهُ، إبْقَاءً لِسُمُوِّ الربُوبِيَّةِ في نَظَرِ العَبْدِ ، واسْتِبْقَاءً لأحكامِ العُبُودِيَّةِ عليهِ.
فَقَدْ وَعَدَ الحقُّ سبحانَهُ نَبِيَّهُ عليه السلامُ بالنصرِ في ( أُحُدٍ) و (الأحزابِ)، و دخولَ مَكَّةَ وَسَتَرَ شَرْطَ ذلكَ، وهو الذِلَّةُ التي اقتضتْ حِكمتُهُ تَرَتٌّبَ النَصْرِ عليها دائما، حَتَّى أَظْهَرَهَا في مَعْرِضِ المِنَّةِ و التنبيهِ إذ قال عَزَّ مِنْ قائل:
وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ..
و قال عز وعلا:
وَيَوْمَ حُنَينٍْ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ….
و قال عليه السلام لابنِ العَبَّاسِ في وَصِيَّتِهِ :
وَاعْلَمْ أنَّ النَصْرَ مَعَ الذُلِّ
وهو سِرُّ الاضْطِرارِ المشروطِ في الاجابَةِ بِعَيْنِ المَقْصَدِ ، إذ قالَ:
(ويكشِفُ السّوءَ و يجعلُكم خُلفاءَ الأرضِ) فَافْهَمْ!
و إِنَّمَا ذَكَرَ تَعْيينَ الزَمَانِ، مُبَالَغَةً ، أو في حَقِّ مَنْ يَصِحُّ التَعْيينُ في حَقِّهِ، ثُم ذَكَرَ عِلَّةَ نَهْيِهِ عن التَشَكُّكِ فقال:
لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ قَدْحَاً في بَصِيرَتِكَ وَ إخْمَادَاً لِنُوْرِ سَرِيْرَتِكَ.
قُلتُ : أما كونهُ قدْحَاً في البصيرة فَلِرُؤْيَتِها الأَمْرَ على غير وجْهِ المطلوبِ فيهِ ، مِنَ النَظَرِ لاتِّساعِ العِلْمِ ، واعْتِيادِ ذلكَ حتى تَقْوَى دائرةُ الوهمِ فَيَنْتَفِي التَحَقُّقُ.
وأما كَوْنُهُ إخْمَادَاً لنُورِ السَّرِيرَةِ، فَلِأنَّ نورَ السَريرةِ مُسْتَفَادٌ مِنْ اتِّسَاعِ النَظَرِ ، والوقُوفُ معَ ظَاهِرِ الوعْدِ مُنافٍ لذلكَ .
و البصيرةُ كالبَصَرِ أدْنى شَيءٍ يَقَعُ فيهِ، يَمْنَعُ النَظَرَ ويُشَوِّشُ الفِكرَ و إنْ كانَ لا يُفْضِي إلى العَمَى. فالخَطْرَةُ مِنَ الشَرِّ تُشوِّشُ النَظَرَ وتُكَدِّرُ الفِكْرَ ، و الإرادةُ((أي إرادة الشر)) تَذْهَبُ بالخيرِ رأْسَاً ، و العملُ بِهِ يُذْهِبُ عَنْ صَاحِبِهِ سَهْماً من الإسلامِ فيما هو فيه ويأتي بِضِدِّهِ ، فإنِ اسْتَمَرَّ على الشَرِّ، تَفَلَّتَ منْهُ الإسلامُ سَهْماً سهماً، فإذا انْتَهى إلى الوقيعةِ في الأَئِمَّةِ و موالاةِ الظَلَمَةِ حُبَّاً في الجاهِ و المنزلةِ ، و حُباً للدُنيا على الآخرة ، فقد تَفَلَّتَ منه الإسلامُ كلُّه ، ولايَغُرَّنَّكَ ما تَوَسَّمَ به ظاهراً فإنهُ لا رُوحَ لهُ ، وَ رُوْحُ الإسلامِ حُبُّ اللهِ وحُبُّ الخِيَرَةِ والصالحينَ من عبادِهِ . و قال بعضُهم :
(ادفعْ رَديءَ الخواطِرِ قَبْلَ أنْ يَتَمَكَّنَ الهَمُّ((أي بالشر)) ، لئلا يُصِيبَكَ).
و قيلَ : أَوَّلُ الذَنْبِ الخَطْرَةُ ، كما أنَّ أَوَّلَ السَيْلِ القَطْرَةُ .
وكما وَجَبَ أنْ لايُتَوَهَّمَ في وَعْدِهِ، وَجَبَ أَنْ لايُتَوَهَّمَ في فِعلِهِ بل يُظَنُّ به الجميلُ في هذا كُلِّهِ . و هذا ما تَوَجَّهَ لهُ المؤلفُ وذَكَرَهُ بأنْ قال :