في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الثاني-

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الثاني-

يَقْصِدُ هذا المكتوبُ أنْ يُبَيِّنَ المسائلَ التاليةَ:

١إنَّ النفاقَ مرضٌ نفسيٌ يصيبُ القلبَ من الجسدِ و يُصيبُ الإيمانَ من القلبِ فيُفْسِدُهُ و يَمْضِي في خَرابِه إذا لم يُتَدارَك برحمةٍ إلهيةٍ حتى لا يَبْقَى في المرءِ بَقِيِّةٌ تُرْجى فيكونُ كالكُفَّارِ أو أَشَدَّ عذاباً.

٢إن أَهَمَّ ما يُمَيِّزُ المَرَضَ أنَّ المريضَ لا يَشعُرُ به و لا يعرِفُ بوجودِهِ. أيْ أنَّ المنافقَ لا يعرفُ أنه منافقٌ ولا يُقِرُّ بِهِ و إذا سَمِعَ قرآناً أو قولاً يَذمُّ المنافقينَ ظَنَّ أنَّهُ يتكلمُ عن غيرِهِ أوْ غَشّى على ذلك بتأويلٍ غريبٍ يَدْفَعُ عنه تلكَ التُّهْمَةَ وذلكَ الهجاءَ.

٣إن للمرضِ درجاتٍ أدناها التَشكُّكُ في ما صدَّق المرءُ فيهِ أصْلاً

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

في معنى النفاق على الحقيقة-الجزء الأول-

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالمين، وأفْضَلُ الصلاةِ وَأَتَمُّ التَسْلِيمِ على كُلِّ الأنْبياءِ والمُرْسلين وعلى خَاتَمِهِمْ سَيِّدِنَا ونَبِيِّنَا محمَّدٍ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وأَزْوَاجِهِ أَجْمَعِينَ. أمَّا بَعْدُ:

فإنه لما كانتْ سَنَةُ ثمانٍ وألْفَيْنِ لميلادِ سيدنا عيسى بن مريم عليهِ أفضلُ الصلاة والسلام، وكنتُ حينئذٍ أعمل في بلدٍ عربي، أتتني رسالةٌ من أختٍ وخالةٍ فاضِلَةٍ من بلاد الأنكتار ((كذا كان الكاتبون من قديمٍ يُسَمُّونَ بلاد الإنكليز زمنَ حروب الفرنجة وهو تحريف الاسم اللاتيني لنفس البلد)) تُدْعى مريمُ وكانت تسألني عن قوله تعالى:

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضٗاۖ وَلَهُمۡ

الايمان بالمحدودية عند الشعوب المترجّلة و عند الشعوب الراكبة-الجزء الأول-

الايمان بالمحدودية عند الشعوب المترجّلة و عند الشعوب الراكبة-الجزء الأول-

شعُوبُنا المسْلِمَةُ الموحدة المؤمنة بإلهٍ غير محدود هو الله عز وجل لا تتصور اللانهائية واللامحدودية في الأشياء وتُـؤْمِنُ بضد ذلك: المحدودية والإحاطة بالأشياء و الأهداف فكيف؟

لا أدري من أين جاء هذا التصور ولكني أزعُمُ أنه منتشرٌ بكثرة بين ظهرانينا وأنه يُملي أفكارنا ومواقفنا وتوجهاتنا بل، حياتنا.

والمحدودية هي الايمان بحدود لكل المعاني كمحدودية العلم والصنعة والخبرة والجمال والابداع. فترى المرء يضع حدوداً لكل هدف هو مقبل عليه، متخيلاً أنه ما إن يصلْ تلك الحدود حتى يضعَ رحالَه ويجلسَ هانئاً مطمئناً غيرَ ملومٍ ولا مُثَرَّب، ونتيجتها أن يتصور المرء إمكان الإحاطة بهذه الحدود و المعاني.

أما التفكير بأنه لا هدفَ، سامياً في هذه الحياة، يمكن أن يقفَ عند حّدٍ، وأن

ما أشبه اليوم بالأمس

ما أشبه اليوم بالأمس

وما اخْتَلَفَ  الذين أُوتُوا الكتابَ إلا مِنْ بَعْدِ ما جَاءَهُمُ العِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ و مَنْ يَكْفُرْ بآياتِ اللهِ فإنّ اللَّهَ سَريعُ الحِسابِ.

يقول (Sale) مترجم القرآن إلى الانكليزية عن نصارى القرن السادس الميلادي : (وأسرف المسيحيون في عبادة القديسين والصور المسيحية حتى فاقوا في ذلك الكاثوليك في هذا العصر) .

الحرب الأهلية الدينية في الدول الرومية : 

ثم ثارت حول الديانة وفي صميمها مجادلات كلامية، وسفسطة من الجدل العقيم شغلت فكر الأمة ، واستهلكت ذكاءها ، وابتلعت قدرتها العملية ، وتحولت في كثير من الأحيان حروباً دامية وقتلاً وتدميراً وتعذيباً ، وإغارة وانتهاباً واغتيالاً ، وحولت المدارس والكنائس والبيوت معسكرات دينية متنافسة وأقحمت البلاد في حرب أهلية ،